ابن نفسك وادع الآخرين
وفاء العيسى
تتجدد النعم وتتوالى المنح الإلهية لتلك النفس البشرية التي أودعها الباري في ذلك الجسد،
وتتتابع الرسائل الربانية في هذه الحياة؛ لتضع أيدينا على آليات العمل والبناء.
لهذا، فالجوانب الفكرية والروحية والاجتماعية والعاطفية تحتاج منا يوماً بعد يوم لترميم المتهالك منها،
وإعادة هيكلة البعض وفق المتغيرات والتحديات المعاصرة.
إن البناء الشمولي للنفس مع التكامل في التطبيق ينحى بنا عبر موجات الحياة إلى الصعود المتوازن والانطلاق نحو الأفضل.
ولذلك فإن التربية الذاتية لتلك الجوانب وبث روح المبادرة الفعالة نحو العمل المتجدد يعين هذا البناء على الصمود في ظل التطور
الهائل للعصر بكافة أطيافه.
فالروح البشرية التي ندور في فلكها تحتاج إلى وعي معرفي متوازن بنظرة استغراقية لكافة المناهج، وعليه فإن التعلم والحرص
على النهل المستمر من أصناف العلوم من أكبر العوامل على فهم الواقع والسير في منظومة الانفتاح العالمي الجديد.
تعويد النفس المبادرة الفعالة مع العمل الجماعي وبث روح الأخوة في الفريق تعد أساساً للاستمرار في العمل الدعوي، مع التوازن
في الطرح والبعد عن التشنج في إبداء الرأي وعدم تقبل الآخر أيّاً كان منهجه.
إن البنائية المنهجية المتوازنة مع التطبيق وفق الإمكانات المتاحة والسعي على توظيف القدرات والخبرات..
هو الهدف الأسمى المتمثل في عمارة الأرض ونشر المنهج الصحيح بين العالمين.
الدعوة لهذا الدين تحتاج إلى فهم عميق بتلك النفس، وإدراك متبصر لنزعاتها وحاجاتها المتجددة والمتغيرة،
ولهذا فإن الداعي الذي استطاع بكل عزيمة أن يبني أساسيات التكامل المنهجي لديه يستطيع بكل سهولة
أن يصل إلى أعماق المدعوين، ويخاطب أرواحهم الهائمة أيّاً كانت توجهاتها.
ولا أدل على ذلك من الدعوة النبوية التي توازنت فيها جميع الجوانب الفكرية والعقدية والأخلاقية والاجتماعية،
فكانت بحق دعوة شمولية اخترقت حاجز الأهواء، واستطاعت أن تبني جيلاً فريداً من نوعه فتح العالم بروح التسامح الإسلامي.